الرئيسية - أقاليم - قابلات ريف اليمن: خط الحماية الأخير للنساء في زمن الحرب
قابلات ريف اليمن: خط الحماية الأخير للنساء في زمن الحرب
الساعة 12:10 م (راي اليمن -درج )

تحت جنح الليل وفي النهار، تتنقّلُ القابلة زينب ناجي (45 سنة) بين القرى لمناطق ريف محافظة إبّ، وتقطع مسافات طويلة على قدميها للوصول إلى منازل المواطنين للقيام بواجبها الإنساني، ومساعدة النساء الحوامل وأطفالهن في أثناء فترة الولادة والحمل.

لا تتردّد زينب في تقديم الخدمات الصحية للنساء الحوامل في قريتها الواقعة في ريف السَيّاني جنوب مدينة إب؛ فهي تُلبّي دعوات الأهالي في كل الأوقات وفي أصعب الظروف، وتُقدّم خدماتها بشكلٍ مجاني أحياناً، خصوصاً في ظل عجز كثيرين عن التوجه إلى المستشفيات والمراكز الصحية في المدينة، بسبب الظروف المعيشية القاسية التي يواجهونها منذ اندلاع الحرب في اليمن.

يشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وتشير أحدث التقديرات إلى أن حوالى 50 ألف شخص يعيشون حالياً في ظروف تشبه المجاعة؛ إذ يشتدّ الفقر في المناطق المتضررة من الصراع، ويحتاج حوالى 21 مليون شخص (أي أكثر من 66 في المئة من إجمالي السكان) إلى مساعدات إنسانية وحماية وفقاً لتقدير الأمم المتحدة.

وفي ظل غياب المرافق والخدمات الصحية في المناطق الريفية، وارتفاع تكاليف الولادة في المستشفيات اليمنية، وعجز معظم سكان الريف عن نقل نسائهم إلى المستشفيات، كان لقابلات الريف دور كبير في إنقاذ حياة نساء وأطفال في مختلف المحافظات اليمنية. وكانت هؤلاء السيدات الحل الوحيد للكثير من السكان في ظل صعوبة الوصول إلى الخدمات الطبية، وإن كانت الولادة المنزلية لا تخلو من المخاطر، نتيجة صعوبة التعقيم وغياب الأدوات، إلى الخوف من حصول طوارئ. 

حماية الأمهات والأطفال

في خضم الحرب المستمرة منذ سبع سنوات وانعكاساتها السلبية، تبذل قابلات الريف في اليمن جهوداً كبيرة في مجتمعاتهن الريفية بأبسط المقومات، إذ يبلغ خطر وفاة المرأة، لأسباب ذات صلة بالحمل، 1 من كل 60 حالة في اليمن، بحسب تقدير الأمم المتحدة. ووفقاً لمنظمة اليونيسيف تعتبر الأمهات والرُضع من بين أكثر الفئات ضعفاً في اليمن؛ إذ تموت أمّ واحدة وستة مواليد كل ساعتين بسبب مضاعفات الحمل أو الولادة.

لا تعرف زينب ناجي عدد اللاتي ولّدتهن حتى الآن، لكنها تقول: “أنا القابلة الوحيدة في المنطقة”، وتلفت إلى أنها تتنقل من منطقة إلى أخرى وتتابع النساء الحوامل، كل واحدة في شهرها، وقبل الولادة بأسبوع تذهب إليها لمعرفة وقت الولادة كي تبقى مستعدة لتقديم المساعدة لها.

مع تراكم الخبرة، أصبح لدى زينب إلمام ومعرفة واسعة بكل ما يتعلق بعملية الولادة، من ناحية وضع الجنين وعملية النبض وقياس الضغط وكيفية التعامل مع النزيف الذي يلي الولادة. تستطيع زينب تولي الولادة بنفسها، وبإمكانها تشخيص الحالات التي تحتاج إلى تدخّل جراحي بسرعة لتحويلها إلى طبيب متخصص.

تلفت زينب إلى أنها تلقّت عروضاً مُغرية من مستشفيات ومراكز صحية كثيرة في محافظة إب، لكنها رفضت، وفضّلت تقديم الخدمات الصحية للنساء في قريتها وبقية القُرى والمناطق في ريف السَيّاني جنوب المدنية.

تقول الاختصاصية الاجتماعية ومديرة البرامج والمشاريع في مؤسسة “بنات الحديدة” بثينة الصلوي: “قابلات الريف في اليمن يبذلن جهوداً كبيرة لمساعدة الحوامل وأطفالهن، في ظل شحّ الوسائل والأدوات الطبية الضرورية لمساعدة النساء ورعايتهنّ”.

وتشير الصلوي إلى أن القابلات يتعرضن للكثير من المخاطر؛ فمع نقص التقديمات الصحية الرسمية، يضطررن إلى قطع مسافات طويلة مشياً، وفي ظلمة الليل، وفي مناطق الصراع والاشتباكات، وكل ذلك في سبيل تقديم الخدمات والمساعدات للنساء، وتتطرّق الصلوي إلى عدم وجود مراكز مؤهلة لاستقبال الحالات الطارئة.

 

‏تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية.

  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً
كاريكاتير يجسد معاناة سكان تعز جراء الحصار
اتفاق استوكهولم
صلاة الحوثيين
الإغتيالات في عدن