أزمة افتهان المشهري: مرآة لخراب العقل الحزبي
الساعة 08:43 م

 

على المستوى الحزبي، تبدو أزمة تعز الأخيرة إثر مقتل افتهان المشهري أكثر من مجرد أزمة عابرة أو حادث يمكن لملمته سريعًا، حتى في ظل نجاحات هامة على الصعيد الأمني ما تزال معلّقة بخيط رفيع من قدرة السلطات على إنفاذ القانون وتحقيق العدالة.

لقد أعادت هذه الحادثة خطاب وسلوكيات لحظة ما قبل 2011، بالتمام والكمال: تخندق حزبي، وخطاب سلطوي، ونكايات مقيتة. مرة يكون تسفيهًا للمطالب، ومرة أخرى ادعاء وصاية سلطوية، وفائض من الحكمة الزائفة، ومحاولة لفصل الناس عن مطالبهم، وإنكار للواقع: "المحتجون على حق، لكنهم لا يدركون المؤامرة ولا أهداف من يمولهم".
قالها صالح مرارًا، مرة بغضب المقتدر، ومرة بعاطفة السياسي.

الفرق أن الإصلاحيين اليوم هم من يتصدرون موقع السلطة. وهناك تكرار، "الحافر على الحافر"، لما كان يقوله كتبة وأتباع نظام صالح حينها، وما كانت تردده حشود المعارضين في شعبوية طائشة.

مع فرق جوهري هذه المرة: أن الحوثي لم يعد كائنًا مجهولًا داخل كهوف جبال صعدة، بل جحافل من القتلة على تخوم أبواب مدينة تعز.

يغضب أصدقاؤنا الإصلاحيون من موقفنا هذا، ولا يستوعبون تشددنا في المطالبة بالإصلاحات الأمنية، وينبرون للدفاع عن المؤسسات الأمنية والجهاز الإداري للسلطة المحلية في تعز، ويؤكدون – في الوقت نفسه – أن تعز ليست تحت هيمنة الإصلاح.

فهل هم أكثر حرصًا منا على خطوط الدفاع في مواجهة وحشية الحوثي؟
وهل يدركون أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة أكثر مما ندرك؟

لغتهم لا تشير إلى ذلك. بل إن جلّ مثقفيهم تحولوا إلى "مثقفي سلطة"، رغم أن السلطة ليست كاملة بيد الإصلاح. لكن شهية التخندق أكبر من عقلنة اللحظة، وغريزة الخوف أيضًا أكبر من ترشيد المشهد.

وهل يمكن تحقيق هذا الهدف في ظل تحوّل بعض وحدات الجيش الوطني والمقاومة إلى عصابات مافيا؟
وهل هناك إساءة للجيش الوطني والمقاومين وتضحياتهم أكبر من هذا الواقع؟

لقد أصبحنا – في نظرهم – متآمرين على الجيش الوطني، ومنكرين لتضحيات الإصلاح، التي يتسابق الإصلاحيون في تعدادها، وكأننا سويديون يُفترض أن ندفع لهم الثمن الآن!
فهل هم دافعون عن الجمهورية؟
أم دافعوا عن وجودهم الذي أراد الحوثيون اجتثاثه، كما فعلوا مع كل القوى الأخرى، مع فارق أنهم كانوا على رأس قائمة الاستهداف؟
وهل قاتلوا وقُتلوا بوصفهم قوى وطنية وشركاء في استعادة الدولة؟
أم باعتبارهم "شركة أمن خاصة"؟

في الجهة الأخرى، نهض أنصار صالح وقد رفعوا رايات طارق صالح هذه المرة، وقرروا الوصاية على تعز. هؤلاء أيضًا بلا حصيلة كافية من الخجل، حين يغمضون أعينهم عن المربع الذي قدموا منه قبل سنوات قليلة، حين كانت قناصاتهم تحصد أرواح الناس.

أما اليساريون، فلا يُرى منهم إلا الأقدام التي رفعوها، وليس رؤوسهم، وهذه الأخيرة غارقة في رمال مآسي الماضي وأحقاده.
يطلّون من حين لآخر بشهية انتقام، ثم يعودون إلى دفء الرمال.

خلاصة ما يدور: أن العقل الحزبي لا يستطيع مغادرة خصوماته القديمة، ويقع في ثقوب سوداء من الخصومات العبثية.

من صفحة الكاتب على فيسبوك 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
كاريكاتير يجسد معاناة سكان تعز جراء الحصار
اتفاق استوكهولم
صلاة الحوثيين
الإغتيالات في عدن