من قلب جمعة الكرامة
الساعة 04:32 م


كانت جمعة الكرامة تاريخاً فاصلاً في حياتي، غيرت لدي الكثير من المفاهيم وأضافت لي الكثير ، الأهم انني أيقنت يومها انه لا يهم في أي وقت تموت ولكن متى وعلى ماذا يجب أن تموت.
كنت أسكن في غرفة مقابل مستشفى الكويت ضمن المختبر الألماني الحديث الذي كان لأخي كانت شقة وفيه غرف كثيرة فسكنت بأحدى الغرف لكونه قريب من مكان عملي في الجهاز المركزي للإحصاء في شارع الحرية الذي يقع خلف شارع العدل بإتجاه شارع القاهرة وفندق إيجل.


في ذلك اليوم صليت الجمعة انا واخي في بداية شارع العدل وبعد الصلاة احتشدنا حول المنصة لنهتف إرحل، كنت أمام المنصه تماما وكنت أهتف ارحل من أعماق أعماقي في أكتوبر 2010 لم تكن تخطر على بالي إمكانية قيام ثورة لأسباب عدة أهمها عدم ثقتي بالمعارضه آنذاك ولكن كنت افكر واتمنى ان أصحى على زلزال  أصحى على واقع تتغير فيه موازين القوى ويوسع الفرص للشباب بعد أن اغلقت كل الطرق ولم تكن هناك فرص سوى للوساطات والمحسوبيات وقوى النفوذ ..الخ مالذي يمكن أن يفكر فيه شاب تخرج من الجامعة تخصص علوم كمبيوتر في عام 2005 وظل يعمل متعاقد بالأجر اليومي لدى مؤسسة حكومية حتى 2010 بأجر زهيد ومهدد بالطرد وانتهاء التعاقد بأي لحظه خمس سنوات ذهبت هدرا الكثير من الأحلام والطموحات تنهار سنه بعد أخرى ولا أمل يلوح في الأفق ما كان يدمي القلب أن تجد نفسك عاجزا امام عدم قدرتك على الايفاء بمتطلبات الحياة لك ولأشياءك التي تعني لروحك الكثير بينما تشاهد أصحاب وساطات تأتي من بعدك تتعاقد وتتوظف بشكل رسمي وتحصل على فرص وانت ومن هم في نفس معاناتك بلا أمل بحياة ولو بسيطة واساسية.
كنت أهتف وأمام عيني تمر كل تلك المعاناة وكل تلك الدوافع بالإضافة إلى انسداد الأفق السياسي واحتكار السلطة والثروة واتساع رقعة الفقر التي الحظها بشكل يومي.
ونحن أمام المنصه والساحة ممتلئة بالشباب مرت طائرة هيلوكبتر كانت تصور أو لا أدري المهم اني شعرت حينها اني أهتف أرحل إلى وجه علي صالح مباشرة  ، كان الشعور يومها مختلف بالرغم اني كنت قبل ذلك متابع باهتمام كبير للثورة التونسية اتذكر يومها في 15 يناير كنت عائدا من جولة الرويشان حينها كنت اعمل مع شركة عمل إضافي مؤقت كنت عائدا لغرفتي في شارع الكويت بالتكسي واذا بمجموعة شباب في شارع الزراعه يهتفون للثورة التونسية اوقفت التكسي ونزلت اهتف سألت احدهم اين متجهين قالوا للسفاره التونسية كنت رئيس فريق عمل ميداني حينها ولدي أجهزة آيباد في الشنطة وكان عليا أن اتحرك في الصباح الباكر إلى محافظة عمران واعود في الظهر فاضطريت أن أعود لغرفتي ارتب متطلبات العمل لليوم التالي.


كانت قوات الأمن المركزي تحرس الساحة،  شيدت جدارا كان الهدف منه عزل الثوار وتضيق الساحه بحيث لاتستوعب أكثر من هذا العدد ولاتتوسع أكثر لكن الثوار جميعا أصروا على هدم الجدار وكان هناك إجماع على هدمه.
كانت الساحه مزدحمة جدا في يوم جمعة الكرامة بدأ الدخان يتصاعد من جولة القادسية سابقا وجولة الشهداء حاليا والناس بدأت تهرع باتجاة الدخان وبدأنا نسمع إطلاق الرصاص وكان الشباب بهتفون سلمية سلمية لكن القناص القاتل لا يفهم هذا المعنى ، كانت المنصه تحاول ان تسيطر على الوضع في الساحه قال الذي في المنصه الشباب من عند تسجيلات الإيمان وتحت باتجاه الجدار يتحركوا لمساعدة إخوانهم عند الجدار والبقية حافظوا على هدؤكم حتى نبلغكم كيف تتحركوا. 


تعالت أصوات الرصاص وبدأت الموترات تسعف الشهداء والجرحى إلى المستشفى الميداني ساحة مسجد الجامعة قريب المنصة لم نستطع الصبر أو انتظار تعليمات المنصة فهب الناس باتجاة الجدار كان الثوار قد قدموا درسا عظيما بالشجاعة والإقدام هدموا الجدار ودخلوا البيت التي يطلق منها الرصاص وامسكوا بمجموعة من القناصين لكن بعد أن سقط الشهداء والجرحى وارتوى الشارع بالدماء الطاهره.


حتى الآن لاتزال جمعة الكرامة هي أطهر الأيام وهي أعمق تحول في التاريخ اليمني والذي قدم فيه الشباب الثوار درسا بليغا في السلمية وبصدورهم العاريه يحطمون العنف ويتصدون له بثقه وثبات.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً
كاريكاتير يجسد معاناة سكان تعز جراء الحصار
اتفاق استوكهولم
صلاة الحوثيين
الإغتيالات في عدن