الى وزارة الصحة والمجلس العربي
الساعة 11:55 م

 

أن تعيش في اليمن يعني ذلك أن تحد من طموحك رغما عنك، لأنك لن تجد متنفسا أو طريقا سهلا بعض الشيء لتبلغ ما تطمح إليه.

ربما قد تبعث هذه المقدمة على اليأس، لكنه للأسف واقع يعيشه الكثير من اليمنيين في هذا البلد الذي أصبح قادرا على تصدير الموت واليأس فقط في ظل هذه الحرب.

لم أكن متشائما يوما وقد اجتزت كثير من المعوقات مهما بلغت صعوبتها، لكني وصلت إلى مرحلة لم أعد فيها قادرا على تجاوز مطبات كثيرة في حياتي مجددا، قد يتعثر أمامها طموحي وحتى حقوقي.

أنا اليوم أتحدث بلسان عشرات الأطباء في اليمن الذين وجدوا أنفسهم مشردين بداية الحرب، واضطروا للهرب من مناطق سيطرة الحوثيين خوفا على حياتهم بعد أن شاهدوا تنكيل الحوثيين بخصومهم والتعامل معهم بعنصرية ومناطقية.

فقد شعر كثير من الأطباء أنهم سيكونوا جزءا من الصراع، ولن ينظر أحدا إليهم بصفتهم يؤدون رسالة إنسانية بحتة بعيدة عن كل ما يجري، وبالفعل أصبحوا جزءا منه، وخاضوا كثيرا من الصراعات المختلفة خاصة مع تسييس كل القطاعات والحوثنة وغيرها.

واليوم وجد الطبيب اليمني نفسه أمام عقبة جديدة تقضي على كثير من طموحاته وتجعله يشعر بالخوف على حياته، مع صدور قانون "الخدمة الصحية الريفية" المنبثق من قانون إنشاء المجلس الأعلى للتخصصات الطبية، والذي صدر عن وزارة الصحة التابعة للحوثيين.

نعلم جيدا أن ذلك قرار صادر من سلطة أمر واقع لا يعترف أحدا بها وبالتالي لا قيمة لما يصدر عنها، لكن ظروف الحرب الحالية تعني أن القانون سيكون نافذا وهو ما يعني أن المزيد من المتاعب ستثقل كواهل الأطباء.

يُلزم ذلك القانون خريجي البورد بشقيه العربي واليمني بأن يقوموا بالعمل في المراكز والمستوصفات الريفية لمدة عامين بعد تخرجهم قبل أن يتم تسليمهم شهادة التخرج، وهذا يحمل الطبيب في مثل هذه الظروف ما لا يطيق.

يتحدث الحوثيون بأن ذلك القرار يصب في مصلحة المواطن وجميعنا نعلم أن تلك الجماعة لا يمكن أن تفكر بمصلحة اليمنيين، فهي لا تعرف إلا أنصارها فقط، ونحن لا نثق بجماعة نكلت بالشعب طوال أكثر من أربع سنوات.

خدم الكثير من الأطباء الأرياف بكل حب، لكن أن يكون ذلك القرار ملزما ويخفي الكثير فقد يتعمد الحوثيون إرسال الأطباء الذين يخالفونهم الرأي إلى مناطق تابعة لهم وقد يتم التنكيل بهم وربما قتلهم، كما أنهم سيقوموا بتطبيقه على من يخالفهم فقط أما أتباعهم فلن يطالهم، وهذا ليس بجديد على هذه الجماعة.

وللأسف الشديد تقف وزارة الصحة التابعة للحكومة الشرعية متفرجة دون أن تحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها، ولم تقدم للأطباء أي شيء حتى أنها لم تكلف نفسها إرسال رسالة للمجلس العربي للاختصاصات الطبية، وتطلب منه أن يتم إيقاف التعامل مع المجلس الأعلى للتخصصات الطبية فرع صنعاء والتعامل فقط مع فرع عدن كونه تابع للشرعية.

لا نعلم ما هي مهام الوكلاء والنواب في الوزارة الذين لم يصدر منهم أي تفاعل مع هموم الأطباء، فقد وصل بنا الحال إلى اليأس والرغبة بإيقاف طموحاتنا عند حد معين، ولا أجد مبررا للوزارة التي تمارس دور الأصم الأعمى الأبكم، وتقف متفرجة على ضياع مستقبل الكثير من الأطباء الذين إن لم يلتزموا بذلك القرار فإن شهادتهم لن تصلهم. إن لم يكونوا قادرين على تحمل مسؤولياتهم فالتخلي عن المناصب شرف لهم بدلا من تمسكهم بها.

صحيح أن وزارتنا بمسؤولين "صم بكم عمي" ولا يهم المسؤولين فيها شيئا، لكني كذلك أستغرب من استمرار المجلس العربي للاختصاصات الطبية بالتعامل مع جهة "انقلابية" غير معترف بها.

نحن قادرين على خدمة وطننا كل من موقعه، أما أن يتم فرض علينا إملاءاتهم التي يخفون وراءها الكثير فهذا لا نقبله، ونحن لم نتعب لسنوات طويلة من أجل تحقيق أحلامنا العلمية لتأتي جماعة وتشترط كل ذلك وتوقف شهاداتنا. ولا تلوموا بعد اليوم أي طبيب فكر أو يفكر بأن يترك اليمن بأكمله ويرحل في ظل كل هذه المعاناة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً
كاريكاتير يجسد معاناة سكان تعز جراء الحصار
اتفاق استوكهولم
صلاة الحوثيين
الإغتيالات في عدن